تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٦
و الأقربين من هذا المال، وصية عادلة، في حدود ثلث التركة، حقّا مقرّرا على أهل التقوى الخائفين من اللّه وحسابه، فمن غيّر الإيصاء من شاهد ووصي بعد سماعه، فإنما ذنب هذا التغيير عليه، وبرئت منه ذمّة الموصي، وثبت له الأجر عند ربّه، إن اللّه سميع لأقوال عباده المبدّلين، عليم بأفعالهم وتصرفاتهم، ونياتهم. فمن خاف من موص ميلا عن منهج الشّرع والحق خطأ، أو وقوعا في المعصية عمدا، فأصلح بين الموصي والموصى له، بردّ الوصية إلى العدل والمقدار المحدد لها شرعا، فلا إثم عليه، واللّه غفور لمن بدّل للإصلاح، رحيم به.
فرضية الصيام
الصيام أحد فرائض الإسلام وأركانه، تهذيبا للنفس البشرية وتقويما لها، وحفاظا على البنية الجسدية، وتقوية للإرادة والصحة،
روى البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال :«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم يقول : بني الإسلام على خمس :
شهادة أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا رسول اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم رمضان»
.
الصيام في تقدير الإسلام رياضة روحية، وطريق لإعداد النفس لتقوى اللّه عزّ وجلّ في السّر والعلن، ومدرسة للصبر والجهاد وتحمل المشاق، لذا
ورد في السّنة النّبوية فيما رواه ابن خزيمة والبيهقي أن «الصوم شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة».
ليس الصيام مفروضا على المسلمين وحدهم، وإنما هو عبادة قديمة مفروضة في مختلف الشرائع الإلهية، قال اللّه تعالى :
[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)
[البقرة : ٢/ ١٨٣].


الصفحة التالية
Icon