تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٨٨
للتهيؤ والتنعم برجاء اللّه والثقة بوعده وفضله، ووعد اللّه ناجز، واللّه متكفل بإنجازه، واللّه قوي لا يغلب ولا يمتنع عليه شي ء من وعد ولا وعيد، حكيم يضع الأمور في موضعها المناسب على وفق العدل والحكمة والصواب.
ثم صرح اللّه تعالى بمضمون وعده لأهل الإيمان، مفصلا ثمرات الإيمان من التعرض لرحمة اللّه وفضله، والظفر بجنان الخلد التي تجري الأنهار من تحت أشجارها، فتزيدها متعة وحيوية وجمالا، وهم ماكثون في الجنات إلى الأبد، ولهم فيها مساكن طيبة، أي حسنة البناء، طيبة القرار، وجناتهم جنات عدن هي اسم مكان ومنزل من منازل الجنة كالفردوس، كما قال تعالى : جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ [مريم : ١٩/ ٦١] وللمؤمنين أيضا رضوان من اللّه أكبر وأعظم من الجنان، أي إن رضا اللّه عنهم أجل مما هم فيه من النعيم المادي المحسوس، وذلك دليل قاطع على أن السعادة الروحية أكمل وأشرف وأهنأ من السعادة الجسدية.
وهذه الأمور الثلاثة : الجنات والمساكن الطيبة في جنات عدن، والرضوان الإلهي الأكبر، هي جزاء أهل الإيمان، وذلك النعيم الجسدي والروحي هو الفوز العظيم وحده، دون ما يعده الناس فوزا من طيبات الحياة الدنيا الفانية التي يحرص عليها المنافقون والكفار ويطلبونها دائما.
بهذا يتميز أهل الإيمان والتحضر عن المنافقين دعاة الفوضى والتخلف، ولا شك بأن البقاء للأصلح، والدمار والفناء للأفسد.
أسباب جهاد غير المؤمنين
لقد تعرض المسلمون في صدر الدعوة الإسلامية لأنواع مختلفة من الأذى والتنكيل، بالقول والفعل، بالكيد والمؤامرة أحيانا، وبالسب والشتم أحيانا،


الصفحة التالية
Icon