تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٩
مشروعية الدعاء وآدابه وحدود الصوم وما يباح فيه ليلا
الدعاء إلى اللّه تعالى نوع من العبادة والخضوع والتّذلل، فإن الداعي يشعر دائما بالحاجة الملحة إلى ربّه، والاستعانة بعزّته وقوته، وطلب المدد والعون في المحن والبلايا، أو الاستزادة من الخير والتوفيق في وقت الرخاء والنعمة.
ثبت عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال في حديث صحيح :«الدعاء هو العبادة» «الدعاء سلاح المؤمن».
والدعاء مفيد في مصارعة القضاء والقدر، وفي تخفيف المصاب، وفي رفع البلاء وجلب الرزق،
قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلم :«الدعاء يرد القضاء، وإن البر يزيد في الرزق، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» «الدعاء ينفع بما نزل، ومما لم ينزل، فعليكم عباد اللّه بالدعاء» «١».
والدعاء إلى اللّه أمر مباشر بين العبد وربّه، يسمع صوت عبده مهما كثرت أدعية العباد، ومهما اختلفت الألسنة، وإن كان الوقت واحدا واللحظة واحدة، وسواء أكان الدعاء سرّا أم جهرا،
جاء أعرابي إلى النّبي صلّى اللّه عليه وسلم، فقال : أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت عنه فأنزل اللّه :
[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٦]
وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)
[البقرة : ٢/ ١٨٦].
سأل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم النّبي صلّى اللّه عليه وسلم : أين ربّنا؟ فأنزل اللّه الآية السابقة :
وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ.
اللّه قريب من عباده، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد، يعلم أعمالهم، ويراقب أحوالهم، يجيب دعوة من دعاه مخلصا له، قد شفع دعاءه بالعمل الخالص لوجه اللّه سبحانه.