تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٩٣
ذلك النفاق ثابتا متمكنا ملازما قلوبهم إلى يوم الحساب في الآخرة، أي أنهم ماتوا منافقين.
وذكر اللّه تعالى سببين للموت على النفاق : وهما إخلاف الوعد والكذب، فقال سبحانه : بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ لقد أخلفوا ما وعدوا اللّه تعالى من التصدق والصلاح، وكذبوا بنقضهم العهد وترك الوفاء بما التزموه. ثم وبخ اللّه تعالى هؤلاء المنافقين بأن اللّه يعلم السر وأخفى، ويعلم ما يسرونه من الكلام، وما يتناجون أو يتحدثون به من الطعن في الدين، واللّه أعلم بما في نفوسهم مما يضمرونه من حقد وكراهية، يعلم كل غيب وشهادة، وكل سر ونجوى، وينطبق عليهم تماما
قوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عمر :«ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا : إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان»
و هذا الحديث وأمثاله في المنافقين الذين كانوا في عصر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، الذين شهد اللّه عليهم. وصدور هذه الخصال من بعض المسلمين باعتبار النفاق اللغوي أو الاجتماعي، وأنها معاص لا نفاق في العقيدة، وأن هذه الخصال تشبه أفعال المنافقين.
جزاء المنافقين في الدنيا والآخرة
ينفر المجتمع وأهل الطبع السليم النقي من النفاق والمنافقين، لأن النفاق مرض خبيث وآفة خطيرة تجمع في مضمونها ضعف النفس ولؤم الطبع، وتبييت الغدر ومحاولة الطعن بغيرهم من المجتمع والأفراد، فلا يطمئن لهم إنسان، ولا يحمد لهم فعال، وهم أعداء الباطن والداخل، فيجب الحذر منهم والبعد عنهم، قال اللّه تعالى واصفا طباعهم :


الصفحة التالية
Icon