تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٩٦
فضل أو ميزة بكشف أحوال الناس، وتعرضهم للامتحان والاختبار، وهكذا غربلت الأحداث الجسام مواقف المعاصرين للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن تلك الأحداث الحاسمة غزوة تبوك التي حدثت في الصيف، ومن أجل مجابهة عدو قوي، كثير العدد، متفوق العدد والسلاح، وهذا ما سجّله القرآن الكريم، ليكون عبرة للأجيال، ودرسا بليغا للجماعات والأفراد، قال اللّه تعالى :
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٨١ الى ٨٢]
فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)
«١» «٢» [التوبة : ٩/ ٨١- ٨٢].
ذكر المفسرون روايات في بيان سبب نزول الآية،
أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال : أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الناس أن ينبعثوا معه، وذلك في الصيف، فقال رجال : يا رسول اللّه، الحر شديد، ولا نستطيع الخروج، فلا ننفر في الحر، فأنزل اللّه : قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ.
أخرج ابن جرير أيضا عن محمد بن كعب القرظي قال : خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حر شديد إلى تبوك، فقال رجل من بني سلمة : لا تنفروا في الحر، فأنزل اللّه : قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا الآية.
هذه آية تتضمن وصف حال المنافقين على جهة التوبيخ واللوم لهم، بسبب فرحهم بالقعود وكراهتهم الجهاد، وفي ضمنها وعيد.
وقد نزلت الآية أثناء السفر، بقصد الذم، والإخبار عن مصير المنافقين في الآخرة، وتلك عبرة لكل متخلف عن الجهاد.

(١) بعد خروجه أو لمخالفته.
(٢) لا تخرجوا للجهاد.


الصفحة التالية
Icon