تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٩٠٣
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٩٠ الى ٩٢]
وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠) لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (٩٢)
«١» «٢» «٣» [التوبة : ٩/ ٩٠- ٩٢].
تضمنت الآيات الكريمة الكلام عن أربع فئات من الناس : وهم المعتذرون بحق من الأعراب، والمنافقون، والمعاقون العاجزون بالفعل، والبكاؤون. أما المعتذرون بأعذار هي حق من الأعراب البدو فهم قوم مؤمنون غير كافرين وهو رأي ابن عباس بدليل أن التقسيم في الآية يقتضي ذلك، وأنه ذكر بعدهم فريق القاعدين المكذبين، فلو كان الجميع كفارا، لم يكن لوصف الذين قعدوا بالكذب اختصاص، وتعرض الكل للعذاب الأليم، هؤلاء المعتذرون بعذر مقبول : هم كما
قال الضحاك : رهط عامر بن الطفيل أو نفر من بني غفار، جاؤوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا : يا رسول اللّه، إنا إن غزونا معك، أغارت أعراب طيّ على أهالينا ومواشينا، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم : سيغنيني اللّه عنكم. جاء هؤلاء المعتذرون الأعراب بهذا العذر يطلبون الإذن من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في التخلف عن غزوة تبوك، فقال لهم :«قد أنبأني اللّه من أخباركم، وسيغنيني اللّه عنكم».
وهؤلاء صادقون غير مذمومين ولا محمودين كما يظهر من الآية.
والصنف الثاني : هم الذين قعدوا عن الجهاد، الذين كذبوا اللّه ورسوله بادّعائهم الإيمان، وهم منافقو الأعراب الذين جاؤوا ولم يعتذروا، وظهر بذلك أنهم كاذبون، هؤلاء توعدهم اللّه بالعذاب المؤلم في نار جهنم لأنهم قوم كافرون غير مؤمنين.
(٢) إثم.
(٣) تمتلى بالدمع.