تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٩١
[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٧]
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [البقرة : ٢/ ١٨٧].
يباح لكم في ليالي الصيام وقاع زوجاتكم، فهنّ ستر لكم عن الحرام، علم اللّه أنكم كنتم تخونون أنفسكم بالجماع ليلة الصيام، فتاب اللّه عليكم وعفا وصفح عنكم، والآن أباح اللّه لكم بأن تباشروا نساءكم، واطلبوا ما أباحه اللّه لكم من الاستمتاع لإنجاب الذرّية. ويباح لكم الأكل والشرب أثناء الليل كله، حتى يطلع الفجر الصادق، ثم أتموا الصيام إلى غروب الشمس. ولا تجوز مباشرة النساء أثناء الإقامة في المساجد للعبادة بالاعتكاف. وتلك الأحكام المذكورة للصيام والاعتكاف هي حدود اللّه، أي محظوراته وممنوعاته، فلا تقربوها بالمخالفة، وبمثل هذا التوضيح يبين اللّه أحكام دينه للناس ليتّقوا ربّهم، ويبتعدوا عن المحرمات.
أخرج أحمد وأبو داود والحاكم عن معاذ بن جبل قال : كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلا من الأنصار يقال : قيس بن صرمة صلّى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب، حتى أصبح، فأصبح مجهودا، وكان عمر أصاب من النساء بعد ما نام، فأتى النّبي صلّى اللّه عليه وسلم، فذكر ذلك له، فأنزل اللّه : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ إلى قوله : ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ.

(١) الوقاع.
(٢) هنّ ستر لكم عن الحرام.
(٣) تخونون.
(٤) أي طلوع الفجر الصادق، شبه الفجر والليل بخيطين : أبيض وأسود لامتدادهما.
(٥) محرّماته.


الصفحة التالية
Icon