تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٠٢١
الآيات أصول الدين : وهي إحكام القرآن وتفصيله، والدعوة إلى عبادة الله وتوحيده والإنابة إليه، والإيمان بالبعث والجزاء في عالم الآخرة.
والمعنى : هذا القرآن كتاب عظيم الشأن، جليل القدر، محكم النظم والمعنى، لا خلل فيه ولا نقص، فهو كامل الصورة والمبنى والمعنى لأنه صادر من عند الله الحكيم في أقواله وأفعاله، الخبير بحوائج عباده، وبعواقب الأمور.
نزل هذا الكتاب بألا تعبدوا غير الله، ولا تشركوا به شيئا، فالعبادة لله تحقق معنى العبودية والانقياد لله تعالى، مع قيامها على الحبّ، لا على القهر والقسر، وإنني أنا رسول الله مرسل من عند الله، نذير من العذاب إن عصيتموه أو خالفتموه، وبشير مبشّر بالثواب إن أطعتموه. وفي هذا تبيان مهمة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ووظيفته وهي الإنذار لمن عصاه بالنّار، والتّبشير لمن أطاعه بالجنة.
ومن مهامي أنا النّبي المرسل أن آمركم بالاستغفار من الذنوب السابقة، وهي الشّرك والكفر والمعاصي والمنكرات، وأن تتوبوا منها إلى الله عزّ وجلّ بالإقلاع عنها وبالنّدم على ما مضى، والعزم على عدم العودة إلى أي ذنب في المستقبل، فإن استغفرتم وندمتم، وتبتم من كفركم وشرككم، يمتّعكم الله متاعا حسنا في الدنيا، بإطالة النفع فيها بمنافع حسّية مرضية، وعيشة طيبة هنيّة، ورزق واسع متتابع، ويظل هذا التمتع الهني في الدنيا إلى أن يأتي الأجل المعين وهو الموت.
فالمطلوب للتّخلي عن سيرة الكفر السابقة أمران : الاستغفار من الشّرك، ثم التوبة المخلصة والرجوع إلى الله بالطاعة والعبادة، فتصفو النفس من آثار الشّرك، وتقبل على حياة الدنيوية لله عزّ وجلّ بالانقياد لأوامره وعبادته على وفق مراده.
وثمرة إطاعة الله لا تقتصر على توفير الحياة الهانئة السعيدة في الدنيا، وإنما تشمل أيضا في الآخرة إعطاء كل ذي فضل في العمل جزاء فضله وإحسانه، لا يبخس منه