تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١١١٢
و هذا الإخبار من مغيبات المستقبل من وحي الله وإلهامه، لا مجرّد تعبير للرّؤيا، فهو بشارة في العام الخامس عشر بعد تأويل الرّؤيا بمجي ء عام مبارك خصيب، كثير الخير، غزير النّعم، وهو إخبار من جهة الوحي الإلهي. ولا يكون ذلك إلا لنبيّ أو رسول، فتكون النّبوة والرّسالة خيرا عظيما للبشر في الدين والدنيا.
طلب الملك مواجهة يوسف عليه السّلام
بعد أن عبّر يوسف عليه السّلام المقصود من رؤيا ملك مصر، كانت النتيجة الطبيعية المنتظرة عند عقلاء الناس وحكمائهم أن يطلب هذا الملك مواجهة يوسف السجين الذي له هذه المقدرة الفائقة في تعبير الأحلام، فلم يستجب يوسف عليه السّلام للطلب، وأراد إعلان براءته وعفّته وتعرّضه للظلم في السجن مدة سبع سنوات، تلاها خمس أخرى عقابا من الله لقوله لساقي الملك : اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فصارت مدّة سجنه اثنتي عشرة سنة، فطالب بفتح ملفّ النّسوة اللاتي قطّعن أيديهن وإظهار الحق في هذه القضية. وهذا ما تحدثت عنه الآيات التالية :
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٥٠ الى ٥٢]
وَ قالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢)
«١» «٢» «٣» [يوسف : ١٢/ ٥٠- ٥٢].
طالب الملك بإحضار يوسف من السجن، حتى يتحقق بنفسه صدق ما تشير إليه

(١) أي ما شأنكن وأمركن العظيم.
(٢) تنزيها لله وتعجّبا من عفّة يوسف عليه السّلام.
(٣) أي ظهر الحق وثبت واستقر


الصفحة التالية
Icon