تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١١٨١
و ما أوضح وأحكم قوله تعالى : وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ أي إن الإرسال للبيان، لا للإضلال أو الإيقاع في المتاهات.
مهمة موسى عليه السلام
الأنبياء والرّسل عليهم السلام هم الصفوة المختارة، والفئة العليا من البشر، وهم أشدّ الناس إخلاصا لربّهم، وحبّا لأقوامهم، فيحرصون أشد الحرص على هدايتهم، وإنقاذهم وتصحيح عقائدهم وأخلاقهم، وتقويم طبائعهم وتهذيب نفوسهم، فاستحقّوا من الله الرّضوان، وبوّأهم أعلى منازل الجنان. وكان موسى عليه السّلام أحد الخمسة أولي العزم، الذي دأب على إرشاد قومه إلى طريق الحق والاستقامة على طاعة الله، وذكّرهم بنعم الله الكثيرة عليهم ليتّعظوا، وحذّرهم من عاقبة المخالفة والعصيان، وأعلمهم أن منفعة الطاعة تعود عليهم، وأن الله غني عن العالمين. قال الله تعالى واصفا جهود موسى في أداء رسالته :
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٥ الى ٨]
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)
«١» «٢» «٣» «٤» [إبراهيم : ١٤/ ٥- ٨].
هذه لوحة مشرّفة لقافلة الإيمان ومسيرة الحق، يتصدّرها موسى عليه السّلام،

(١) يذيقونكم.
(٢) يبقونهم أحياء للخدمة.
(٣) اختبار.
(٤) أعلم من غير شبهة.


الصفحة التالية
Icon