تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١١٨٦
و كيف لا نتوكّل على الله نحن معاشر المؤمنين؟! وقد هدانا إلى سبل المعرفة والحق والخير والرشاد، ولنصبرن على ألوان أذاكم لنا بالقول أو بالفعل، وليستمرّ المؤمنون، ويثبتوا على توكّلهم على الله، وليثقوا به، وليتحملوا كل أذى في سبيل مرضاته، ففي ذلك الخير كله والنّجاة الأبدية في عالم الآخرة.
تهديد الأقوام لرسلهم
لقد تعرّض الرّسل الكرام في التاريخ من أقوامهم المرسلين إليهم لأسوإ أنواع المعاملة، وأقسى الكلام، والتهديد بالطرد أو الإبعاد من البلاد أو الإعادة إلى الوثنية الموروثة والجاهلية الفوضوية، معتمدين في هذا التهديد على مالهم من قوة وسلطان ونفوذ، إما بسبب الكثرة العددية والأتباع أو الثروة والمال، أو الجاه والظلم الطبقي، ويستغلون ضعف الدّعاة إلى الله وقلّة أتباعهم، إلا أن العبرة بالنتائج، ففي نهاية الأمر تكون الغلبة والتفوق والنصر لأهل الحق والإيمان، والهزيمة والمذلّة لأهل الكفر والباطل والضلال. وهذه صورة الفريقين في القرآن الكريم :
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ١٣ الى ١٨]
وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧)
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْ ءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦»

(١) استنصر الرّسل بالله على الظلمة.
(٢) خسر كل متعاظم متكبّر.
(٣) معاند للحق. [.....]
(٤) ما يسيل من أجساد أهل النّار.
(٥) يتكلف بلعه لحرارته.
(٦) يبتلعه لشدة كراهته.


الصفحة التالية
Icon