تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٢١٥
المعاندين بابا من السماء، فجعلوا يصعدون فيه، أن تصعد فيه الملائكة، لما صدّقوا بذلك، بل قالوا : إنما منعت وسدّت أبصارنا من الرؤية والإبصار، وقد شبّه علينا، واختلطت الأمور في أذهاننا، وأصبحنا لا نرى إلا أخيلة، كالقوم المسحورين، سحرنا محمد بآياته، كما في آية أخرى : وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) [الأنعام : ٦/ ٧].
وخلاصة المعنى : بلغ من عناد المشركين في مكة وأمثالهم أنهم لو صعدوا في السماء حقيقة، ورأوا الآيات عيانا، لقالوا : هذه أوهام وأخيلة، وقد سحرنا محمد، وهذا منتهى العناد والإعراض. وتشير الآية إلى وجود الظلام في الفضاء الخارجي.
بعض مظاهر قدرة الله تعالى
يتكرر التّذكير ببعض مظاهر قدرة الله تعالى في آيات القرآن، لا سيما في حال وصف عناد الكفرة والمشركين وتهديدهم بالعذاب، وإنذارهم بالعقاب، فإن الله قادر على كل شي ء، وهذا يدعو العقلاء إلى التزام جادة الاستقامة، والزحزحة عن مواقف الكفر وتكذيب الرّسل، ففي الكون أرضه وسمائه عبر منصوبة تدعو للإيمان.
وكفر الكافرين وإعراضهم عنها، أي عن العبر والآيات إصرار منهم وعتوّ، قال الله تعالى مبيّنا بعض آيات قدرته :
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٦ الى ٢٥]
وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠)
وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦»
(٢) مطرود من الرحمة.
(٣) سرق المسموع من السماء.
(٤) أدركه ولحقه.
(٥) شعلة نار ظاهرة للعيان.
(٦) بسطناها للانتفاع بها.