تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤١٠
«١» «٢» «٣» «٤» [الكهف : ١٨/ ١٦- ١٨].
كان الخطاب في بدء قصة أهل الكهف للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي هذه الآيات اتجه الخطاب لأهل الكهف أنفسهم، والمعنى : واذكروا يا أهل الكهف حين تذاكرتم، فاعتزلتم قومكم عزلة مادية بمفارقة الأبدان والديار، وعزلة معنوية بمخالفة قومكم في مذهبهم واعتزالكم معبوداتهم غير عبادة الله تعالى. فالجئوا إلى الكهف : وهو الغار المتسع في الجبل، وأخلصوا العبادة لله تعالى، يبسط لكم ربكم من آثار رحمته الواسعة، فيستركم عن قومكم، ويسهل لكم من أموركم أمرا ترتفقون به وتنتفعون، أي إنكم قررتم أن تجعلوا الكهف مأوى وتتكلوا على الله تعالى، وحينئذ يبسط لكم ربكم رحمته، وينشرها عليكم.
ثم عاد الخطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، والمعنى : وترى أيها الرسول وكل مشاهد الشمس حين طلوعها تميل عن كهفهم جهة اليمين، بتقليص شعاعها بارتفاعها، حتى لا يبقى منه شي ء عند الظهيرة في ذلك المكان، وتراها تبتعد عنهم حين الغروب وتتركهم، لا تقربهم، وتعدل عنهم جهة الشمال، وهم في متسع الكهف ووسطه، فيأتيهم الهواء باردا لطيفا، أي إن الله تعالى حجب أشعة الشمس عنهم حتى لا تؤثر في رطوبة أبدانهم، ويكونوا في برودة لطيفة، وفي ذلك صلاح لأجسامهم، بإيجاد حاجب من الشمس من جهة الجنوب، ومن جهة الغرب، وهم في متسع الكهف ووسطه، أي إن الشمس تجي ء من الكهف أول النهار عن يمين، وآخره عن شمال، فيكون باب
(٢) متسع من الكهف.
(٣) أي بفناء الكهف ومساحته.
(٤) خوفا.