تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤١٢
لو نظرت إليهم لأدبرت منهم فرارا وهربا، ولملئت منهم خوفا وفزعا لأن الله تعالى ألقى عليهم المهابة والوقار، بحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم، إلى أن انتهى أجل لبثهم راقدين، وأقام الله فيهم الدليل الحسي المادي على قدرته على البعث والإعادة.
قال أبو الفضل بن الجوهر على منبر جامع مصر سنة (٤٦٩ ه) بمناسبة تبعية الكلب لأهل الكهف : إن من أحب أهل الخير، نال من بركتهم، كلب أحب أهل فضل وصحبهم، فذكره الله تعالى في محكم تنزيله.
بعثة أهل الكهف من رقدتهم
يستغرب الإنسان عادة الأشياء غير المألوفة لديه، ويحكم عليها بحسب المعتاد والقدرات والإمكانات المتاحة لديه، فلا يتصور أحد أن إنسانا ينام مدة ثلاث مائة وتسع سنوات، ثم يستيقظ، ويعود إلى الحياة مرة أخرى، وهذا ما حدث فعلا لأصحاب الكهف، لإقامة الدليل الملموس على قدرة الله على بعث الأموات وإحياء الأنفس، وتلك هي العبرة من قصة أصحاب الكهف، قال الله تعالى مبينا هذا الحدث الغريب :
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٩ الى ٢١]
وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١)
«١» «٢» «٣»
(٢) أحل وأجود.
(٣) أطلعنا الناس عليهم.