تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤٢٠
و زعامة ونفوذ، وتفوق وإعجاب، لا يصح ولا يقبل أن تكون سببا للتفرقة بين الناس جميعا، فالناس كلهم لآدم، وآدم من تراب، لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى أو بعمل صالح.
إعلان منهج الحق القرآني
ركّز القرآن الكريم على تبيان الصفة البارزة الناصعة لرسالة الإسلام، وهي أنه دين الحق الثابت، وطريق الحق الذي لا محيد عنه، وجوهر الحق الذي لا خلاف فيه، فإذا اختلف الناس في توصيف الأشياء، وجدوا الصواب والسداد في آي القرآن الكريم وأحكامه، وإذا ابتغوا السلامة والنجاة والسعادة، لم يجدوها في غير التزام العمل الصالح والإيمان الكامل. والسعادة الحقة : هي المؤدية للخلود الأبدي في نعيم الجنان، والتفيؤ بظلال الرحمن، والحظوة من الله بنعمة الرضوان، قال الله تعالى :
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٩ الى ٣١]
وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١)
«١» «٢» «٣»»
«٥» [الكهف :
١٨/ ٢٩- ٣١].
هذا توجيه ثالث في سورة الكهف للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، ومفاده : قل أيها النبي : هذا الذي

(١) السرادق : كل ما أحاط بالشي ء.
(٢) كدردي الزيت أو كالمذاب من المعادن.
(٣) متكأ أو مقرا، والمرتفق : الشي ء الذي يرتفق به أي ينتفع به، وهو الشي ء الذي يطلب رفقه باتكاء وغيره.
(٤) رقيق الديباج (الحرير).
(٥) غليظ أو سميك الديباج.


الصفحة التالية
Icon