تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤٣٦
غير وعي ولا برهان صحيح، قال الله تعالى واصفا بيان القرآن، ووظائف الرسل المبلغين وحي الله سبحانه :
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٤ الى ٥٦]
وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦)
«٢» «٣» «٤» [الكهف :
١٨/ ٥٤- ٥٦].
لم يترك الحق تعالى وسيلة للبيان والترغيب والترهيب إلا أتى بها، وهذا مصداق ذلك، فالله سبحانه يحكي ويقسم قسما مؤكدا بأنه خوّف ورجّى وبالغ في البيان، ووضّح كل ما يحتاج إليه الناس من أمور الدين والدنيا، كي يعرفوا الحق وطريق الهدى، ولا يضلوا عنه. ومن ألوان البيان الإلهي : تنويع الأمثال النافعة لأداء الغرض المقصود بها، وهو الهداية إلى أقوم السبل وأسلم مناهج الإيمان.
ومع هذا البيان الشافي والإيضاح الكافي، فإن الإنسان كثير الجدل والخصام ومعارضة الحق بالباطل، وهو أكثر جدلا من كل من يجادل من ملائكة وجنّ وغير ذلك إن فرض، إلا من هدى الله وبصّره بطريق النجاة والسداد.
وما منع المشركين أهل مكة وغيرهم من الإيمان بالله، والاستغفار من الذنوب، حين شاهدوا البينات والأدلة الواضحة على وجود الله تعالى وتوحيده، إلا طلبهم أحد أمرين :
- إما أن تأتيهم سنة أو عادة الأولين القدماء، من إحاطة العذاب بهم وإبادتهم، وهو عذاب الاستئصال.

(١) كررنا بأساليب متنوعة.
(٢) أي أنواعا وألوانا وعيانا.
(٣) ليبطلوا.
(٤) استهزاء.


الصفحة التالية
Icon