تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤٦٨
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [مريم : ١٩/ ١٦- ٢٢].
كل قصة في القرآن الكريم محل تأمل وإعجاب، وموضع تجليات لأيادي الرحمن، فيزداد أهل الإيمان إيمانا، بما أخبر الله، ويزداد أهل الشقاوة شقاء، بسبب انعدام التصديق والإيمان بكلام الله وخبره.
وهذه قصة عجيبة، افتتحت بمطالبة نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بأن يذكر للناس قصة مريم العذراء البتول عليها السلام، الطاهرة المطهرة من الدنس والرجس والفسق، حين اعتزلت الناس وأهلها، وابتعدت عنهم إلى مكان شرقي بيت المقدس، لتتفرغ للعبادة والابتهالات الربانية، والتضرع بإخلاص وخشوع وفراغ قلب لله عز وجل. ومن أجل اتجاه مريم لمكان شرقي اتخذ المسيحيون قبلتهم نحو الشرق.
فاستترت من الناس، واتخذت حاجزا بينها وبينهم، لئلا يروها حال العبادة، فأرسل الله إليها روح القدس جبريل عليه السلام، أمين الوحي، متمثلا بصورة إنسان تام الخلقة، لتأنس بكلامه، ولئلا تنفر من محاورته في صورته الملكية، فظنت أنه يريدها بسوء، كما رئي جبريل في صفة دحية الكلبي في حوار النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي سؤاله عن الإيمان والإسلام.
قالت مريم للملك الذي تمثل لها بشرا، لما رأته قد خرق الحجاب الذي اتخذته، فأساءت به الظن : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت ذا تقى. قال أبو وائل : علمت أن

(١) سترا.
(٢) جبريل عليه السلام.
(٣) إنسانا تام الخلق.
(٤) فاجرة.
(٥) بعيدا من أهلها.


الصفحة التالية
Icon