تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤٧٣
لكن من آداب الصوم الشرعي الإمساك عن الكلام القبيح،
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا :«إذا كان أحدكم صائما، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل : إني صائم».
كلام عيسى عليه السلام في المهد
ظهرت معجزة عيسى عليه السلام حينما نطق بعد ولادته، وهو مولود صغير، ما يزال في المهد والفراش، وكان ذلك خير دليل ألقى الطمأنينة في قلب أمه المحتارة والقلقة على هذا الحدث، فإنها علمت أن هذا الطفل يكفيها مهمة الحجاج والدفاع عن سمعتها، وأنه سيعرف عذرها، فتشجعت على المجي ء لقومها وبلدها، وفي وسط اجتماعي عام نطق الطفل كالخطيب الفصيح، وهذا ما توضحه الآيات التالية :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٧ الى ٣٣]
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١)
وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)
«١» «٢» «٣» [مريم : ١٩/ ٢٧- ٣٣].
روي أن مريم عليها السلام لما اطمأنت بما رأت من الآية الباهرة، وهو نطق ابنها الوليد الطفل، وعلمت أن الله تعالى سيبين عذرها، أتت به تحمله من المكان القصي الذي انتبذت فيه. وروي أن قومها خرجوا في طلبها، فلقوها وهي مقبلة.
أتت السيدة مريم بطفلها الوليد إلى قومها، بعد أن استسلمت لقضاء الله وأمره،

(١) عظيما منكرا.
(٢) رضيعا في مضجع الأولاد.
(٣) محسنا إليها.


الصفحة التالية
Icon