تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٤٨٣
الذي قال : وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) [الشعراء : ٢٦/ ٨٤]. وإنما قال :
(عليا) لأن جميع الملل والأديان والأمم والشعوب يثنون عليهم، ويمدحونهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وبما أن العرب من سلالة إبراهيم عليه السلام، وتدعي أنها على دين إبراهيم، ذكر الله تعالى لهم قصته، ليعتبروا ويتعظوا.
والتاريخ حافل بآثار إبراهيم وآل إبراهيم في الدعوة إلى توحيد الله وعبادته وتعظيمه، وفي حمل الناس على مكارم الأخلاق، وفضائل الأعمال. وعلى الرغم من مجابهة الأقوام لإبراهيم، فإن الله تعالى نفعه وعوّضه أولادا أنبياء، وذلك من أعظم النعم في الدنيا والآخرة.
خصائص موسى وإسماعيل عليهما السلام
الأنبياء والرسل الكرام : هم الصفوة العليا المختارة من البشر، ليكونوا قدوة حسنة طيبة للناس في العقيدة والعبادة والأخلاق والسلوك والسمعة، وهذه القدوة لها تأثيرها البالغ في ترغيب الناس بدعوتهم، والانضمام تحت رايتهم، وقد ذكر الله تعالى صفات بعض الأنبياء في سورة مريم بنحو موجز، وهم موسى وهارون وإسماعيل وإدريس عليهم السلام، ثم أبان ما تميزوا به من نعمة الله عليهم، وهذه آيات كريمة توضح لنا الصفة البارزة لموسى وهارون وإسماعيل عليهم السلام، فقال الله تعالى :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥١ الى ٥٥]
وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)
«١»