تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٠٢
«١» «٢» [مريم : ١٩/ ٨١- ٨٧].
المعنى : اتخذ عبدة الأوثان آلهة من الأصنام وكل ما عبد من دون الله تبارك وتعالى، ليكونوا لهم أنصارا وأعوانا وشفعاء عند ربهم يقربونهم إليه، ويحققون لهم المنفعة وغير ذلك من وجوه الخير.
ولكن ليس الأمر كما زعموا ولا كما طمعوا، كلا : زجر وردع وردّ، إن هذه الآلهة المزعومة ستتنكر لعبادة عبدتها الكفار، يوم ينطقها الله، وتتبرأ من العابدين، وتكون أعداء وأضدادا لهم وأعوانا عليهم، لا لهم، بخلاف ما ظنوا، فيقولون : ما عبدتمونا، كما جاء في آية أخرى : ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ [القصص : ٢٨/ ٦٣]. وقوله سبحانه : إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) [البقرة : ٢/ ١٦٦].
هذه حال الكفار مع الأصنام، ثم ذكر الله تعالى حال الكفار مع الشياطين في الدنيا، فإنهم يسألونهم وينقادون لهم، فقال تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)، أي ألم تعلم أننا سلطنا الشياطين على الكفار، وخلينا بينهم وبينهم، ومكناهم من إضلالهم، فهم يحركونهم إلى فعل المعاصي، ويهيجونهم إلى الكفر والضلال ويغوونهم، كما قال الله تعالى : وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ [الإسراء : ١٧/ ٦٤].
فلا تتعجل يا محمد على هؤلاء، بأن تطلب تعذيبهم وإهلاكهم، بسبب تصميمهم على الكفر والضلال، إنما نعد لهم أوقاتا معدودة، ونؤخرهم لأجل معدود مضبوط،
(٢) عطاشا كالتي ترد الماء.