تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥١٦
أمره بإلقاء العصا، فألقاها، فقلب الله أوصافها وأغراضها، وكانت عصا ذات شعبتين، فصارت الشعبتان لها فما، وصارت حية تسعى أي تنتقل وتمشي، ومن أجل إزالة رعب موسى، أمره الله بضم يده إلى جنبه، وهذا ما يفعله كل مرعوب من ظلمة أو نحوها، فتصير يده بيضاء تضي ء كالشمس.
بدء بعثة موسى عليه السلام
لكل نبي في بدء بعثته، نبيا أو رسولا، ظروف وأحوال مثيرة، وعجائب مدهشة، تتناسب مع العصر الذي يعيش فيه، وتتميز البعثة النبوية بالتكليف الإلهي الحاسم في تبليغ كل رسول رسالة ربه، ودعوته إلى عبادة الله، فهي صميم الرسالة وجوهر الدعوة، وفي هذه البداية طلب موسى من ربه في الجملة، أربعة أمور : شرح صدره، وتيسير أمره، وحل عقدة لسانه، وجعل أخيه هارون نبيا ووزيرا له، لتقوية أمره وتعاونه معه في أداء مهمته، ومشاركته في ذكر الله وعبادته، وصار مطلوب موسى بالتفصيل ثمانية أمور، أربع منها وسائل، وأربع أخرى هي غايات. قال الله تعالى واصفا هذه المطالب :
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٢٤ الى ٣٥]
اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)
وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣)
وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥)
«١» «٢» «٣» [طه : ٢٠/ ٢٤- ٣٥].
هذه مطالب ثمانية لموسى عليه السلام من ربه، طالب بها لما أمره الله تعالى

(١) تجاوز الحد في الاستعلاء.
(٢) معينا.
(٣) ظهري أو قوتي.


الصفحة التالية
Icon