تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٢٥
بالجواب، لأن موسى كان صاحب القسط الأعظم من الرسالة، والقائم بإظهار الآيات والمعجزات الدالة على صدق النبوة.
والمعنى : إذا كنتما رسولي ربكما إلي، فأخبراني : من ربكما الذي أرسلكما؟ ومن هذا الرب الذي بعثك يا موسى؟ فإني لا أعرفه، وما علمت لكم من إله غيري.
أجاب موسى بقوله : ربنا هو الذي أعطى كل شي ء صورته وشكله الذي يليق به، وأوجد الآلة المناسبة لكل منفعة، كاليد للبطش، والرّجل للمشي، واللسان للنطق، والعين للنظر، والأذن للسمع، ثم أرشد الله ووفق إلى طريق الانتفاع بما أعطى، فانتفعوا بكل شي ء فيما خلق له، إما اختيارا كالإنسان والحيوان، وإما طبعا كالنبات والجماد.
قال فرعون : إذا كان الأمر كذلك، فما بال القرون الأولى، أي فما حال وشأن الأمم الماضية، لم يعبدوا ربك يا موسى، بل عبدوا غيره من الأوثان وغيرها من المخلوقات؟! فأجاب موسى قائلا : إن كل أعمالهم محفوظة عند الله، مثبّتة عنده في اللوح المحفوظ، يجازي بها، لا يخطئ الله في علم شي ء من الأشياء، ولا ينسى ما علمه منها، فعلم الله محيط بكل شي ء.
ثم ذكر موسى ثلاثة أدلة خاصة على وجود الله لا يمكن لفرعون أن يدعيها له وهي : الأول : الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً أي إن ربي هو الذي جعل الأرض ممهدة كالفراش، تعيشون فيها بيسر وسهولة، وقرارا تستقرون عليها وتنامون على أجزائها.
الثاني : وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وجعل الله لكم في الأرض طرقا تسلكونها، وسهّلها لكم لتعيشوا فيها براحة وأمان.


الصفحة التالية
Icon