تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٧٤
و عظة للذين من قبله من الأمم السابقة ممن عاصر النبي، فاتفق القرآن وجميع الكتب الإلهية السابقة على مبدأ توحيد الله ورفض الشرك.
بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعرفون الحق، ويعرضون عنه، ولا يميزون بين الحق والباطل، فلا تنفع معهم الأدلة والبراهين، فهم لجهلهم معرضون عن قبول الحق وعن النظر المؤدي إليه. وهذا دليل على أن الجهل أو عدم العلم : هو أصل الشر والفساد كله، وأنه يترتب على عدم العلم الإعراض عن استماع الحق وطلبه.
عقيدة التوحيد متفق عليها بين النبوات
توحيد الله تعالى وأنه رب واحد لا شريك له : هو الأصل العتيد والجوهر المطلق في العقيدة الدينية، وفي الفكر الإنساني السوي، فلم تختلف النبوات والرسالات الإلهية في الدعوة إلى توحيد الرب تعالى، ولم يتقبل العقل البشري السديد مبدأ الشرك وتعدد الآلهة، الذي أصبح مرفوضا بأدنى نظرة عقلية رشيدة، وكانت نظريات الفلاسفة والحكماء الإلهيين الأصيلة تؤكد مبدأ وحدانية الخالق، وجاء القرآن الكريم مبينا اتفاق الأنبياء في دعوتهم إلى توحيد الله، فقال الله سبحانه :
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]
وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)
«١» [الأنبياء : ٢١/ ٢٥- ٢٩].

(١) خائفون.


الصفحة التالية
Icon