تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٧٦
يشفعوا بأحد من الناس إلا لمن ارتضى الله أن يشفع لهم، وكان أهلا للشفاعة، فليس لبشر أن يتعلق بشفاعة غير الله، فإن الشفاعة مرتبطة بإذن الله ورضاه.
٤- وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ أي إن الملائكة أنفسهم خائفون حذرون من هيبة الله وجلاله، مراقبون ربهم، مبالغون في الخوف من مصائرهم عند ربهم.
وإذا كان هذا شأن الملائكة مع الله، فالناس أولى بالخوف والخشية والحذر من الله، لتورطهم في المعاصي، لذا استحقوا الإنذار الإلهي بالوعيد الشديد، والتهديد الكبير، فمن يدعي من البشر أنه إله من دون الله، أي مع الله، كإبليس الذي دعا إلى عبادة نفسه، وفرعون الذي ادعى الألوهية والربوبية، فجزاؤه الحتمي جهنم على ادعائه الباطل، أما الملائكة فلم يقل واحد منهم : إني إله غير الله.
ومثل ذلك الجزاء للمتأله المستكبر، يجزي الله بالنار كل جائر ظالم نفسه، خارج عن حدوده وإمكاناته، والظالمون : هم المشركون، فإذا كان الله تعالى يجازي مدعي الألوهية، فهو يجازي الظالمين : وهم كل من أشركوا مع الله إلها آخر، ووضعوا الألوهية والعبادة في غير موضعها. أفبعد هذا النفي الشديد لتعدد الآلهة، وبعد هذا الإنذار الرهيب لمن تورط في الشرك والوثنية يكون لعاقل أن يزعم لنفسه صفة من صفات الله تعالى التي تفرّد بها؟! ومن صفات الله : الجلال والعظمة والكبرياء، والخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والتدبير المطلق، والإرادة النافذة، والعلم المحيط بكل شي ء.
والخلاصة :«كذلك نجزي الظالمين» معناه كجزائنا هذا القائل المدعي الألوهية جزاؤنا الظالمين.


الصفحة التالية
Icon