تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٧٨
٢- خلق الله كل حيوان من الماء، أي جعل الله من الماء الذي أوجده بفتق السماء عن الأرض، حياة الكائنات الحية، كقوله تعالى : وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ [النور : ٢٤/ ٤٥]. وهذا يوافق قول بعض العلماء : إن كل حيوان خلق أولا في البحر، ثم انتقل بعض الحيوان إلى البر، وتطبع بطباع البر مع مرور الزمن. وختم الله الآية بقوله : أَفَلا يُؤْمِنُونَ أي ألا يتدبرون هذه الأدلة، وهم يشاهدون كيفية خلق الأشياء، فيؤمنون بالخالق، ويتركون الشرك؟! ٣- إلقاء الجبال الراسيات في الأرض، لئلا تضطرب بالناس وتتحرك، فلا يحصل لهم قرار عليها، ويروى أن الأرض، كانت تكفأ بأهلها، حتى ثقّلها الله بالجبال، فاستقرت.
٤- إيجاد الفجاج، أي الطرق مسالك بين الجبال أو بين أجزاء الأرض، يسلكها الناس عادة بسهولة من مكان إلى آخر، ليهتدوا بها إلى مقاصدهم المعيشية في البلاد.
والاهتداء إلى الغاية الدنيوية في الحياة، يذكّر بضرورة الاهتداء إلى العقيدة والطريقة المستقيمة المرضية لله تعالى، لذا ختمت الآية بقوله سبحانه : لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ أي لكي يهتدوا في مسالكهم وتصرّفهم. وقوله تعالى : وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً الضمير إما أن يعود على الجبال الرواسي، أو يعود على الأرض، وهو كما قال ابن عطية في تفسيره : أحسن.
٥- جعل السماء سقفا محفوظا، أي جعل السماء بمثابة المظلة أو السقف والقبة على الأرض، وذلك السقف محفوظ من الوقوع والاضطراب، ومحفوظ من الشياطين التي تحاول استراق السمع- سمع الأسرار الإلهية. فالحفظ هنا عام في الصون من الشياطين ومن التصدع والسقوط وغير ذلك من الآفات.
وعلى الرغم من هذه الأدلة الدالة على وحدانية الإله، الناس غافلون عنها، لذا