تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٨٥
يراد به موت البشر، فهو تنقص للقرون، ويكون المراد حينئذ أهل الأرض، كما ذكر ابن عطية رحمه الله.
الإنذار بالوحي والحساب
تتكرر في آي القرآن الكريم إنذارات المشركين وتهديداتهم، لحملهم على الإيمان، ويكون الإنذار أحيانا بالتذكير بإهلاك القرون والأمم الظالمة السابقة، وأحيانا بقوارع الوحي والتهديد بالعذاب الشامل، وتارة بالحساب الشديد على صغائر الأمور وكبائرها، ليعلم البشر أن الإله القادر محيط بكل شي ء من أحوال الدنيا، والهيمنة على مصائر المخلوقات في الدنيا بالقهر والغلبة، وفي الآخرة بالحساب الدقيق الذي لا يفلت منه أحد، ويكون المصير المشؤوم لبعض الناس، قال الله تعالى مبينا كل هذا :
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧)
«١»»
«٣» [الأنبياء : ٢١/ ٤٥- ٤٧].
المعنى : قل أيها الرسول النبي : يا أيها المقترحون المتشططون من أهل الشرك، إنما أنذركم بوحي يوحيه الله إلي، وبدلالات على العبر والعظات التي أقامها الله تعالى لينظر فيها، كنقصان الأرض من أطرافها وغيره، وإنما أنا مبلّغ عن الله ما أنذرتكم به من العذاب والنكال، فلا تظنوا أن ذلك من قبلي، بل الله آتيكم به، وأمرني
(٢) العدل أي ذوات العدل.
(٣) أي وزن حبة.