تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٥٩٨
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧١ الى ٧٣]
وَ نَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣)
«١» [الأنبياء : ٢١/ ٧١- ٧٣].
المعنى : ومن نعم الله تعالى على إبراهيم عليه السلام : أن الله تعالى نجاه ولوطا عليهما السلام إلى الأرض المباركة، بالهجرة من العراق إلى بلاد الشام- الأرض المقدسة، التي بارك الله فيها بكثرة ما بعث فيها من الأنبياء، وانتشار الشرائع بين العالمين، وإخصاب الأراضي وكثرة أشجارها وأنهارها، فاجتمع فيها خير الدنيا والآخرة.
ومن النعم الإلهية على إبراهيم عليه السلام : أن الله تعالى منحه إسحاق ولدا، ويعقوب ولد إسحاق، نافلة، أي عطية زائدة على ما سأل. وجعل الله كلا من الأربعة : لوط وإبراهيم وإسحاق ويعقوب أهل خير وصلاح، يطيعون ربهم، ويتجنبون محارمه، وهذا دليل على عصمة الأنبياء.
وصيّر الله تعالى هؤلاء الأنبياء الأربعة أئمة وقادة يقتدى بهم، ودعاة يدعون إلى دين الله بإذنه، وإلى الخيرات بأمره، وفي هذا دلالة على أن من صلح للقدوة في دين الله، فهو موفّق مهدي للدين الحق وطريق الاستقامة، ومن استقام كان ملازما للهداية والخير.
وأوحى الله سبحانه إلى هؤلاء الأنبياء آمرا لهم أمرا عاما أن يفعلوا الخيرات وهي الأعمال الصالحات، من إقامة الفرائض والطاعات، وترك المحرمات والمحظورات.
ويرشد هذا إلى أن الله سبحانه خصهم بشرف النبوة، وتبليغ الوحي الإلهي الناظم لحياة القوم المبلّغين. وأمر الله تعالى بوحيه لهؤلاء الأنبياء أمرا خاصا بأن يقيموا