تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٠٠
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧٤ الى ٧٧]
وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧)
«١» [الأنبياء : ٢١/ ٧٤- ٧٧].
هذه مقابلة ومقارنة بين رسولين صالحين، وبين وصف مشترك لأقوامهما، وهو أنهم كانوا أهل سوء فاسقين، بسبب الكفر برسالة الأنبياء.
أما لوط عليه السلام : فقد آتاه الله تعالى النبوة والحكمة (و هي ما يجب فعله) والعلم والمعرفة، والحكم : وهو حسن الفصل في الخصومات بين الناس. وكان علمه علم النبوة الشامل لشؤون العقيدة والعبادة وطاعة الله تعالى، بعثه الله إلى أهل «سدوم» وتوابعها من القرى السبع، فخالفوه وكذبوه، فأهلكهم الله ودمرهم، كما أخبر سبحانه في مواضع من القرآن المجيد، والنبوة والحكمة كانتا نعمتين عظيمتين على لوط عليه السلام، وهناك نعمتان أخريان وهما :
أن الله سبحانه نجى لوطا من العذاب الذي عذب به أهل سدوم الذين ارتكبوا خبائث الأعمال، ومنها ما يسمى باللواط، فكانوا جماعة سوء وقبح، خارجين عن جادة الطاعة لله تعالى، منغمسين في الرذيلة والمعصية، كما قال تعالى : إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ.
والنعمة الرابعة على لوط عليه السلام : أنّ ربه أدخله في رحمته، وجعله من أهل جنته لأنه كان من الذين يعملون صالح الأعمال، ويؤدون فروض الطاعة لله تعالى، فيمتثل الأوامر، ويجتنب النواهي.