تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٠٢
نعم الله تعالى على داود وسليمان عليهما السلام
لن ينسى التاريخ الإنساني الدور القيادي العظيم والجهاد والتضحيات للرسل والأنبياء عليهم السلام، فلو لا هم لكان الناس في حيرة وضلال، ونزاع مستمر واقتتال، ربما أدى إلى انقراض النوع البشري، وكان من فضل الله وإنعامه : أنه أعدّ هؤلاء الصفوة القادة إعدادا رائعا خاصا، ليكونوا أهلا للقيادة، وأسوة حسنة للبشرية، وأمدهم بنعم كثيرة، فضلا عن نعمة النبوة والرسالة، منها الحكم والقضاء بين الناس، والعلم والمعرفة السديدة، وعزة النفس وقوة الإرادة، ووسائل الكسب الشريف، قال الله تعالى مبينا نوعا من هذه النّعم على داود وسليمان عليهما السلام :
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧٨ الى ٨٢]
وَ داوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩) وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْ ءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» [الأنبياء : ٢١/ ٧٨- ٨٢].
المعنى : وآتينا وأعطينا النبوة والحكم بين الناس داود وسليمان، عطفا على آية سابقة : وَنُوحاً ومن أنواع الأقضية المهمة التي حكم بها هذان النبيان الرسولان :
هي قضية الحكم في رعي راع زرع قوم، في جنح الليل، وكان الله عالما تام العلم بالقضاء والمقضي فيه، شاهدا بما حكم به داود وسليمان، لا تخفى عليه خافية. وكان

(١) أي الزرع عامة.
(٢) أي رعت الزرع ليلا.
(٣) أي علمنا داود عليه السلام.
(٤) أي صناعة الدروع خاصة.
(٥) لتحفظكم من حرب عدوكم.
(٦) شديدة الهبوب.
(٧) الغوص لاستخراج النفائس.


الصفحة التالية
Icon