تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٠٤
نعمة الله عليهم؟ وهذا الاستفهام تحريض لهم على الشكر، أي اشكروا الله على هذه النعمة والصنعة.
وأنعم الله على سليمان عليه السلام بتسخير الريح له وركوبه بساط الريح كالطيران اليوم، فإن الله تعالى جعل الريح الشديدة العاصفة طائعة، منقادة له، مع كونها ريحا رخاء لطيفة لينة، فهي تجري بأمره وتنقله إلى الأرض التي بارك الله فيها بركة معنوية بالأنبياء، وحسية بكثرة الخيرات والثمار، وكان الله وما يزال عالما بكل شي ء، ومدبرا له، ومهيئا الأسباب، ومانحا الملك والنبوة لمن يشاء.
ومن النعم على سليمان أن الله سخر له فئة من الجن والشياطين يغوصون له في أعماق البحار لاستخراج اللؤلؤ والمرجان والجواهر ونحوها، ويعملون له أعمالا أخرى كصناعة التماثيل والمحاريب، وكان الله وما يزال حافظا لأعمال الشياطين من إفساد ما صنعوه وتخريب ما عمروه.
محنة أيوب عليه السلام
لا يخلو أحد من البشر من التعرض لمحنة من المحن أو مصيبة من المصائب في عمره، سواء طال به العمر أو قصر، وسواء في مقتبل العمر أو في نهايته أو وسطه لأن الله تعالى أقسم على ابتلاء الإنسان واختباره في قوله سبحانه : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ليعرف أهل الصبر وأهل الجزع، ففي البلاء والأزمات تختبر أخلاق الناس، ويظهر في المحنة صدق الإيمان، والثبات على العقيدة، وأشد الناس ابتلاء هم الأنبياء، ثم العلماء والصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، وتميز أيوب عليه السلام بأنه كان في قمة الصابرين على بلاء الله والمرض، وكان في غاية الأدب مع الله تعالى والحياء من ربه،


الصفحة التالية
Icon