تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦١٨
لا تخيفهم أهوال القيامة، بعد قيامهم من قبورهم للحساب، إلى أن يصلوا إلى الجنة، وتستقبلهم الملائكة بالسلام عليهم، والتبشير لهم، قائلين لهم : هذا يومكم الذي وعدتم فيه الثواب والنعيم، إنه يوم المسرة الأكبر، ويوم الثواب والفرحة الأعظم، ويوم الحسنى، والحسنى : الرحمة وحتمية التفضيل.
ألا ما أعظم الفرق الشاسع بين مصير هؤلاء السعداء، فهم المخلّدون في النعيم، المتمتعون بأطيب وأحسن الأحوال، وأما أولئك الأشقياء فعلى العكس من ذلك تماما، إنهم مخلدون في الجحيم، وفي أسوأ الأحوال، وأتعس الأوصاف والأوضاع.
طي السماء وإرث الأرض
في يوم القيامة تتبدى عجائب، وتظهر أحوال خطيرة، تنبئ عن عظمة القدرة الإلهية، وتذهل منها العقول والأفكار، من هذه العجائب تبدّد السماوات وطيّها كطي سجل الكتاب، وتغيّر الأرض تغيرا غير منتظر، وسرعة الحساب، وتقرير مصير الخلائق على نحو غريب، وسوق الناس إلى مصائرهم سوقا سريعا، إما إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وإما إلى نار محرقة تتلظى بها الجلود، وتحترق بها الأكباد والقلوب، وهذا ما أخبرت عنه الآيات الآتية :
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٦]
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤) وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الأنبياء : ٢١/ ١٠٤- ١٠٦].
(٢) على ما كتب فيها.
(٣) الكتب المنزّلة.
(٤) اللوح المحفوظ.
(٥) كفاية.