تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٢٨
أحوال الناس من الهداية الإلهية
تختلف أحوال الناس من الهداية الإلهية، على ثلاث فئات، فئة دعاة الضلال، وفئة أهل الشك والنفاق، وفئة الأبرار السعداء، ولكل فئة سلوك ومنهاج، وتفكير ونظام، وتسطر كل فئة بيدها خطوط مستقبلها، فلا يكون بعدئذ مجال للاعتراض، أو ادعاء لظلم، أو مفاجأة بواقع المصير، وقد أخبر القرآن الكريم عن هذه الفئات الثلاث في الآيات الآتية :
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٨ الى ١٤]
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٠) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢)
يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الحج : ٢٢/ ٨- ١٤].
هذه أحوال ثلاث فئات من الناس. أما الفئة الأولى : فهم دعاة الضلال وأئمة الكفر، وهم الذين يجادلون في توحيد الله وأفعاله وصفاته بلا عقل صحيح، ولا نقل صريح، بل بمجرد الرأي المحض والهوى الخاص. إنهم يجادلون مستكبرين عن الحق وقبوله، بقصد إضلال الناس عن سبيل الله، سبيل الحق والعدل والتوحيد، فيكون عقابهم في الدنيا الخزي، أي الهوان والذل، وفي الآخرة الزجّ بهم في عذاب
(٢) ذل وهوان.
(٣) أي على شك وضعف في الإيمان والعبادة. [.....]
(٤) الناصر.
(٥) الصاحب المعاشر.