تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٤٠
فريضة الحج
الحج إلى البيت الحرام وأداء بقية المناسك : أحد أركان الإسلام، التي فيها الخير للمسلمين، وصلاح الدنيا والآخرة، وهو عبادة قديمة، وقد جعل الله تعالى البيت الحرام- فيما روي- متعبّدا لآدم عليه السلام، ثم درس بالطوفان وغيره، فلما كان عهد إبراهيم الخليل عليه السلام أمره الله تعالى ببنائه، في موضعه الحالي الذي أمره الله به بواسطة ريح كشفت له عن أساس آدم، فرتب قواعده عليه. ثم أمر الله إبراهيم بمناداة الناس إلى أداء الحج لتحقيق منافع لهم، دنيوية وأخروية، كما قال الله تعالى في الآيات الآتية :
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]
وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [الحج : ٢٢/ ٢٧- ٢٩].
أخرج ابن جرير الطبري عن مجاهد قال : كانوا لا يركبون، فأنزل الله : يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ فأمرهم بالزاد، ورخص لهم في الركوب والمتجر.
والمعنى : ناد يا إبراهيم في الناس بالحج، داعيا لهم إلى الحج إلى البيت الحرام، يأتوك راجلين ماشين، وراكبين على كل بعير ضامر مهزول، من كل طريق بعيد.
وقوله : وَأَذِّنْ من الأذان والتأذين : وهو الاعلام برفع الصوت، على نحو ما يكون للصلاة.
روي أن إبراهيم عليه السلام لما أمر بالأذان بالحج قال : يا رب، وإذا ناديت فمن يسمعني؟ قيل له : ناد يا إبراهيم، فعليك النداء، وعلينا البلاغ،

(١) ناد وأعلم.
(٢) أي راجلين ماشين على الأقدام.
(٣) بعير مهزول.
(٤) طريق بعيد.
(٥) الإبل والبقر والغنم والمعز.
(٦) التفث : الوسخ، والمراد هنا تقصير الشعر أو حلقه، وقص الظفر، ونتف الإبط.


الصفحة التالية
Icon