تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٧٧
كان الصحابة يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة- كما روى ابن أبي حاتم عن ابن سيرين مرسلا- فنزلت آية : الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢).
وهذه صفة أساسية في الصلاة، لأن الصلاة من غير خشوع وتضرع وتوجه بالقلب إلى الله لا معنى لها. وهذه الآيات تصف المؤمنين بصفات سبع وهي :
١- أنهم أهل التصديق التام بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر والقضاء والقدر من الله تعالى. روي عن مجاهد أن الله تعالى لما خلق الجنة وأتقن حسنها قال : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١). ثم وصف الله تعالى هؤلاء المفلحين بما يلي :
٢- أنهم الخاشعون في صلاتهم، أي الممتلئة قلوبهم بالخشوع، أي الخوف والسكون والوقار، وطمأنينة الأعضاء، والخشوع : صفة ضرورية لإدراك معاني الصلاة، ومناجاة الرب تعالى، وتذكر الله، والخوف من حسابه ووعيده. والخشوع :
شرط لتحصيل الثواب من الله سبحانه وتعالى.
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما رواه أحمد والنسائي عن أنس :«حبّب إلي الطيب، والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة».
٣- وأنهم معرضون عن كل ألوان اللغو : وهو الساقط من الكلام وكل ما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال، فيشمل الكذب والهزل والسب والطعن واللعن وفحش الكلام، وجميع المعاصي.
٤- وهم فاعلون للزكاة المفروضة، مبادرون لإخراجها إلى مستحقيها، وكان أصل الزكاة واجبا في مكة، وربما يكون المراد زكاة النفس من الشرك والأدناس، والتحلي بالفضائل ومكارم الأخلاق، والظاهر أن المراد : هو الحق الواجب في الأموال خاصة.
٥- والمؤمنون أهل العفة والصون، فهم الذين يحفظون فروجهم من التلوث بالحرام، من كل أنواع الزنا والفواحش، ويقتصرون في علاقاتهم بالنساء، على