تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٩٢
صرصر عاتية، قال ابن كثير في تفسيره : والظاهر أنه اجتمعت عليهم الصيحة، مع الريح الصرصر العاصفة القوية الباردة.
فبعدا من الرحمة وهلاكا، وسحقا وتدميرا للقوم الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم، وطغيانهم، وعصيان رسولهم، وهذا قانون الإله العادل : وهو أنه لا يعذّب إلا بحق، ولا ينتقم إلا بالعدل، وسنته في جميع البشر واحدة، قال الله تعالى مبينا هذه السنة الثابتة الدائمة : وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [الزخرف : ٤٣/ ٧٦].
وفي هذا القول : فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ غاية المهانة والذلة لهم، وإظهار قدرة الله عليهم، وإنذار السامعين أمثالهم بأن من كذب الرسول سيصيبه من العذاب مثلما أصاب هؤلاء الظالمين.
الأمم الأخرى ورسلها
على الرغم من تكذيب قوم نوح وعاد قوم هود رسلهم، وإهلاكهم بكفرهم، استمر العطاء والفيض الإلهي بإرسال رسل آخرين، وإيجاد أقوام متتابعين، كل قوم لهم تاريخهم وزمنهم، وكل رسول له مهمة وجهود في محاولة إصلاح البشر وتقويم الاعوجاج، وتجاوز اليأس في مسيرة التاريخ، لينتصر الحق في النهاية، وتعلو كلمة الدين والتوحيد فوق كل المعوقات والعراقيل، ويندحر الباطل وجنده، وينهزم الكفر وأشياعه. وقد تحقق ثبات الدعوة إلى وحدانية الله، وأدرك العقلاء زيف الدعوات الباطلة إلى الشرك والوثنية، قال الله تعالى مبينا هذه السنة الثابتة بإيجاد الأقوام والرسل في الأجيال المتلاحقة :


الصفحة التالية
Icon