تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٧٠٦
و أما دعوة هذا النبي فهي أقوم الدعوات، فإنك يا محمد النبي لتدعو الناس قاطبة، ومنهم مشركو قريش إلى الطريق المستقيم، والدين القيم الصحيح، وهو الإسلام، من أجل تحقيق العزة والسيادة، وتوفير الخير والكرامة، وإن دعوة الإسلام قائمة على العدل والوسطية والاعتدال، جمعت بين خيري الدنيا والآخرة، وحققت الانسجام بين الإنسان ونفسه، وبينه وبين الآخرين، وربطت الإنسان بالله ربه، ربطا متينا لا مجال فيه للالتواء والتعثر، ولا للانحراف والضياع.
وأما المكذبون بالآخرة الذين لا يصدقون بالبعث بعد الموت، لمنحرفون عن هذا الطريق، لأن طريق الاستقامة واحد، وما يخالفه تتعدد طرقه، وتتشابك قضاياه.
والخلاصة : إن رسالة الإسلام تقوم على المعاني الخيرة، والقيم الثابتة، والحق الأبلج الذي لا يهادن الباطل، ولا يعرف الانحراف أو الالتواء، وإن جهود النبي رسول الإسلام كلها جهود مباركة وخيّرة ومشكورة، قصده إعلاء كلمة الله والحق، وإعلان عقيدة التوحيد لله تعالى، والإرشاد إلى الطريق الصحيح. وأما الكافرون برسالته فهم سدنة الباطل، وأنصار الهوى والضلالة، وأتباع الطرق الملتوية، المنافية لمنهج الطريق المستقيم.
إصرار المشركين على الشرك
قد تحتجب الرؤية الصحيحة عن العين والقلب بسبب الغبش أو الظلام، فيعذر الإنسان حين ذاك، ويحتاج إلى المساعدة والمعونة من الآخرين، أما إن كانت الرؤية واضحة، والحق بيّنا، والشمس طالعة، فلا يعذر أحد بترك العمل بما يتضح لديه، والإذعان للحق، والسير في ضوء النهار، غير أن هناك فئة من الناس يكابرون في المحسوسات، ويعاندون الحق، ويحاربونه على الرغم من ظهوره، وقوة حجته،