تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٧١٩
عند الموت».
في مصنف أبي داود ومسند الإمام أحمد : أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«اللهم إني أعوذ بك من الشيطان : همزه ونفخه ونفثه».
قال أبو داود : وهمزه : الموتة وهي الجنون، ونفخه : الكبر، ونفثه : السّحر.
إن هذه التوجيهات للنبي صلّى الله عليه وسلّم بالدعاء من النجاة من عذاب الظلمة، ومقابلة الإساءة بالإحسان، والتعوذ من الشيطان لطرده في كل حال، توجيهات لأمة النبي أيضا ولكل من أراد الخير لنفسه ولغيره.
موازين الحساب يوم القيامة
الحياة في الدنيا : هي مجال العمل والاختبار والتسابق في الخيرات، وفيها ما يحقق النجاة أو الهلاك، وأما الآخرة فهي دار الجزاء والحساب على الأعمال خيرها وشرها، وكما يزرع الإنسان يحصد، ولا مجال لتعديل الأحوال، وإعطاء الفرصة لإصلاح الأعمال في عالم الآخرة، فإن ميزان النجاة قائم على الحق والعدل المطلق، فمن رجحت حسناته على سيئاته، كان من المفلحين، ومن طغت سيئاته على حسناته، كان من الهالكين الخاسرين، وليس هناك ميزان للعدالة أدق ولا أعظم ولا أفضل من هذا الميزان، قال الله تعالى مبينا سلفا للناس هذه الأحوال :
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٩ الى ١٠٤]
حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣)
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤)
«١» «٢»
(٢) الصور : بوق ينفخ فيه نفختان : الأولى ليموت الناس، والثانية ليعودوا أحياء.