تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٧٣٥
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١١ الى ١٤]
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤)
«١» «٢» «٣» «٤» [النور : ٢٤/ ١١- ١٤].
هذه الآيات الكريمة لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ودحض الافتراء الشنيع، وهي تبدأ في بيان القصة من أولها، وأولها : إن الذين فعلوا هذا الفعل جماعة محسوبون على المؤمنين، وهؤلاء الجماعة أتوا بأبلغ الكذب، وأعظم الافتراء، وهو الإفك، الذي كان وراءه ثلاثة بزعامة منافق، وهو عبد الله بن أبي، فإنه هو الذي اختلق الكذب على السيدة عائشة رضي الله عنها، وتواطأ مع جماعة صغيرة لترويج الخبر بين الناس، وإشاعته قريبا من شهر، حتى نزل القرآن الكريم مبينا أسبابه ودروسه ونتائجه.
واسى الله تعالى أسرة أبي بكر في هذه التهمة المفتراة فقال : لا تظنوا يا آل بكر بأن ذلك الافتراء شر محض لكم، وإساءة إليكم، بل هو خير لكم في الدنيا والآخرة، لإظهار مدى العناية بعائشة بنت الصدّيق رضي الله عنها، حين برأها الله في القرآن العظيم، وجعله حكما ونصا يتلى إلى يوم القيامة، ومن أجل كسبكم الثواب العظيم به في الدار الآخرة.
وأما دعاة الفتنة فلكل واحد تكلم في هذه الفرية ورمى أم المؤمنين عائشة بالفاحشة، فله نصيب من العذاب الشديد، بقدر ما خاض فيه.

(١) أقبح الكذب.
(٢) عصبة : أي جماعة بدل من الضمير في «جاؤوا»، وجملة «لا تحسبوه» خبر «إن» والتقدير : إن فعل الذين.
(٣) تحمل معظمه وهو رأس المنافقين.
(٤) خضتم فيه.


الصفحة التالية
Icon