تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٧٨٠
الطعن في القرآن والنبي
يتسرع الجهلة والأغبياء عادة في الحكم على الأشياء، فيصفونها بصفات باطلة، معتمدين على مجرد الأوهام، جامدين على ما هم عليه من انحراف وضلال. وهكذا كان شأن كفار قريش حين ظهور دعوة الإسلام وتنزل الوحي على قلب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، تسرعوا في وصف القرآن الكريم الموحى به من الله تعالى بأنه مختلق مكذوب وأسطورة، وتورطوا في وصف النبي عليه الصلاة والسلام بأنه مجرد ناسخ، انتسخ القرآن وأخذه عن علماء أهل الكتاب، فهو يملى عليه في الصباح وفي المساء. فرد الله تعالى على هاتين الشبهتين ببيان كون القرآن كلام الله المنزل على رسوله الأمين، وليس هو مفترى من عند محمد صلّى اللّه عليه وسلّم. أخبر الله تعالى عن هذه الشبهات، وطريق الرد عليها، فقال سبحانه :
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤ الى ٦]
وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦)
«١» «٢» «٣» «٤» [الفرقان : ٢٥/ ٤- ٦].
نزلت الآية كما ذكر ابن عباس في النضر بن الحارث الذي قال : القرآن أساطير الأولين، وردّد مشركو قريش مقالته، فقالوا : كل ما في القرآن من ذكر أساطير الأولين، فإنما هو بسبب النضر بن الحارث المشهور في ذلك، ثم رموا محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم بأنه اكتتبها.
والآيات تضمنت بيان شبهتي قريش والرد عليهما. أما الشبهتان فهما :
(٢) أكاذيبهم المسطورة في كتبهم.
(٣) أول النهار وآخره، أي دائما.
(٤) يعلم الخفي عنا. [.....]