تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨٠٨
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٥ الى ٦٢]
وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩)
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠) تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [الفرقان : ٢٥/ ٥٥- ٦٢].
المعنى : ويعبد المشركون الوثنيون من غير الله تعالى آلهة لا تنفعهم عبادتها، ولا يضرهم هجرها وتركها، وكان الكافر على معصية ربه معينا غيره من الكفرة، ومعينا الشيطان بأن يطيعه. وهذا عام في جنس الكافر. وسبب نزول هذه الآية : هو أبو جهل بن هشام، ولكن اللفظ عام لجنس الكفار كلهم.
ثم سرّى الله عن نبيه وخفف عنه أحزانه بمعارضة قومه دعوته، فأبان له : لا تهتم بهم، ولا تذهب نفسك حسرات عليهم، حرصا عليهم، فإنما أنت رسول تبشر المؤمنين بالجنة، وتنذر الكافرين بالنار، ولست بمطالب بإيمانهم جميعا.
ثم أمر الله رسوله بأن يحتج على المشركين لإزالة وجوه التهم بقوله ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أي لا أطلب مالا ولا نفعا يختص بي، لكن مسئولي ومطلوبي : هو إيمانكم بالله، فمن شاء أن يهتدي ويؤمن ويتخذ إلى رحمة ربه طريق نجاة، فليفعل. أو

(١) أي مظاهرا ومعينا الشيطان بإطاعته، ومعينا بقية الكفرة.
(٢) هذا استثناء منقطع.
(٣) نزهة عن النقائص مع الحمد والثناء.
(٤) تباعدا عن الإيمان.
(٥) البروج منازل الكواكب السيارة.
(٦) أي كل منهما يأتي بعد الآخر.


الصفحة التالية
Icon