تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨١١
«١» «٢» «٣» [الفرقان : ٢٥/ ٦٣- ٦٧].
هذه خمس صفات من تسع لعباد الرحمن- وهم المؤمنون حقا- تجمع بين غرر الأخلاق أو الآداب، وبين مصداقية العبادة، واعتدال النفقة، حتى لا يقع المؤمن في ضائقة، قد تصرفه عن واجباته نحو الله تعالى، أو توقعه في قلق وحيرة، وضرر وشدة.
١- أما الصفة الأولى من هذه الصفات : فهي التواضع وسمو النفس، فإن عباد الرحمن هم الذين يمشون في الأرض بسكينة ورفق ووقار، من غير ترفع ولا تعاظم، ويعاشرون الناس معاشرة حسنة لينة، من غير غلظة ولا قسوة، مع الاحتفاظ بسمو النفس وعزتها، وترفعها عن الدنايا، ومن غير استضعاف ولا ذلة، وإذا أساء إليهم الجهلة، لم يقابلوهم بالإساءة، وإنما عفوا وصفحوا، ولم يقولوا إلا خيرا، وإنما يقولون للجاهل : سلاما، من السلامة لا التسليم، أو يقولون قولا سديدا.
وقد كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يتكفأ في مشيه، كأنما يمشي في صبب «٤»، ويخاطب الناس برفق وترفع عن الخطأ والإيذاء.
٢- والصفة الثانية لعباد الرحمن : الحلم والأناة أو الإعراض عن الجاهلين، فإذا سفه عليهم الجهال بسوء القول، لم يعاملوهم بالمثل، بل عفوا وصفحوا، وتكلموا بخير، من غير غيظ ولا غضب، ورجح سيبويه أن المراد من قولهم :«سلاما» السلامة، لا التسليم. وتكون هاتان الصفتان الأولى والثانية : هما ترك الأذى، وتحمل الأذى.
٣- والصفة الثالثة : هي التهجد ليلا، فهم في ليلهم حيث ينام الآخرون
(٢) لم يضيّقوا.
(٣) وسطا بين الحالين.
(٤) أي مكان منحدر.