تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨١٥
لرحمة الله عز وجل إياهم. ثم أكد الله تعالى أمر التوبة، فذكر : ومن تاب، فإنه قد تمسّك بأمر وثيق، أي فيقبل الله توبته، لرجوعه إلى ربه رجوعا مرضيا.
٧- والصفة السابعة : هي اجتناب شهادة الزور وهي الكذب على غيره متعمدا، لأن الزور هو الكذب، والمعنى لا يشهدون الزور، فهي من الشهادة، لا من المشاهدة. وهم أيضا لا يحضرون مجالس الزور، وهو كل باطل مزور ومزخرف، وإذا صدف مرورهم بذلك، مرّوا غير متدنسين منه بشي ء. فيكون المراد من هذه الصفة : ترك حضور الزور وكل بهتان وإثم، وأعظمه الشرك.
٨- والصفة الثامنة : هي قبول الموعظة، فإن عباد الرحمن إذا ذكّروا بآيات ربهم، حرصوا على استماعها، وأقبلوا على تلقيها بآذان صاغية، وقلوب واعية، وأبصار متفتحة.
٩- والصفة التاسعة : الابتهال إلى الله، فعباد الرحمن : هم الذين يبتهلون إلى ربهم، داعين الله أن يرزقهم زوجات صالحات، وأولادا أتقياء، وأن يكونوا قدوة حسنة، وأئمة يقتدى بهم في الخير واتباع الدين.
ثم ذكر الله تعالى جزاء عباد الرحمن وهو أنهم يجزون بالدرجات العالية في الجنان ويتلقون التحية والسلام والإكرام، بسبب صبرهم على الطاعة، وعن المعصية. وهم خالدون في النعيم الأبدي الذي لا ينقطع، وحسن ذلك المقر والمقام.
ثم ختم الله تعالى سورة الفرقان وبيان صفات عباد الرحمن بإعلان واضح : مفاده أن الله غني عن عباده، فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية، ولا يبالي الله بهم لولا إقبالهم على دعائه ومناجاته. وأما أنتم يا معشر الكافرين فإنكم كذبتم رسلي، ولم تؤمنوا بلقائي، فسوف يكون تكذيبكم سببا ملازما لعذابكم.