تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨٢٤
الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله، مما فاق عمل الأطباء وخبراتهم، ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم كانت معجزته القرآن الكريم أرقى مستوى بلاغي في الفصاحة والبيان، فلم يستطع العرب الفصحاء مجاراته والإتيان بمثله. قال الله تعالى مبيّنا معجزة موسى عليه السّلام :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٣٢ الى ٤٢]
فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣) قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ (٣٥) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦)
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١)
قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢)
«١» «٢» «٣» «٤» [الشّعراء : ٢٦/ ٣٢- ٤٢].
عرض موسى عليه السّلام على فرعون إثبات صدق ادّعائه النّبوة والرسالة بالمعجزة الخارقة للعادة، بتأييد الله وإيجاده، فقبل فرعون الطلب، مضمرا إبطاله أو خرقه والتهوين به، فألقى موسى عصاه التي كان يتوكّأ عليها، فانقلبت ثعبانا واضح الملامح، ظاهر الحركة، من غير لبس ولا تمويه، والثعبان أعظم الحيّات، ثم عادت عصا كما كانت.
ونزع موسى يده من جيبه، فإذا هي تتلألأ للناظرين كأنها قطعة من الشمس، فلما رأى فرعون ذلك هاله، ولم يجد مدفعا له، غير أنه بادر إلى رميه بالسحر، وطمع- لعلوّ علم السّحر في ذلك الوقت وكثرته- أن يجد في السّحر سببا لمقاومة موسى عليه السّلام. ثم حاول فرعون تشوية وضع موسى، والتحريض عليه، وحمل قومه على تكذيبه، فذكر أمورا ثلاثة :

(١) أخرجها من جيبه. [.....]
(٢) للأعيان والأشراف.
(٣) أخّر أمرهما.
(٤) جامعين السّحرة من طريق الشّرط.


الصفحة التالية
Icon