تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨٢٧
«١» «٢» «٣» [الشّعراء : ٢٦/ ٤٣- ٥١].
ابتدأ الحوار بين موسى عليه السّلام والسّحرة عن أيهما البادئ بالفعل، فقدّمهم موسى، قائلا لهم : ألقوا ما تريدون إلقاءه من العصي والحبال، ثقة وإيمانا منه بأن الله غالبة ومؤيّده، ويجعل ما يلقونه طعمة لعصاه الثعبان المبين. فألقوا ما معهم من الحبال المطلية بالزّئبق والعصي المحشوة به، وقالوا : بعزّة فرعون- أي بقوته وجبروته- إنا لنحن الغالبون.
ولما حميت الشمس، تحركت العصي والحبال، وخيّل إلى موسى أنها تسعى، وسحروا أعين الناس، واسترهبوهم، وجاؤوا بسحر عظيم.
ثم ألقى موسى عصاه، فانقلبت ثعبانا عظيما، فابتلعت كل ما وجدته في حلبة المبارزة من عصي وحبال. وتَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ معناه : تبتلع ما يكذبون معه وبسببه.
فخرّ السّحرة ساجدين لله تعالى بلا مبالاة ولا شعور، لأنهم أدركوا أن ما فعله موسى فوق قدرة البشر، وأنه من فعل الله تعالى ربّ موسى وهارون، وأما فعلهم :
فهو مجرد تمويه وتزييف وتخييل. ونائب فاعل فَأُلْقِيَ هو الله عزّ وجلّ. ورأوا أن الغنيمة هي الإيمان والتّمسّك بأمر الله عزّ وجلّ، فسجدوا كلهم لله تعالى مقرّين بوحدانيته وقدرته، ووصلوا إلى إيمانهم بسبب موسى وهارون عليهما السّلام، وقالوا : صدّقنا واعترفنا بالله ربّ العالمين، وأكّدوا ذلك بأنه هو ربّ موسى
(٢) يكذبون ويغيرونه بالتمويه.
(٣) لا ضرر علينا فيما نتعرّض له.