تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨٤٨
«١» [الشّعراء : ٢٦/ ١٦٠- ١٧٥].
المعنى : كذب قوم لوط نبيهم المرسل إليهم، وهو لوط عليه السّلام، حين قال لهم أخوهم في القبيلة والنّسب : ألا تخافون عذاب الله بترك معاصيه، فإني رسول لكم مؤتمن على تبليغ رسالة ربي، فاتقوا الله بفعل ما أمركم به، وترك ما نهاكم عنه، وأطيعوني فيما آمركم به من عبادة الله عزّ وجلّ وحده، والتّزوج الطّبيعي بالعقد الشّرعي بالنّساء، وترك إتيان الذكور والفواحش. ولا أطلب منكم أجرا أو جزاء على تبليغ رسالتي، فما جزائي إلا على الله ربّ العوالم كلها من الإنس والجن. وهذه مقالة اشترك فيها جميع الأنبياء في بلاد الشام وبلاد العرب.
ثم وبّخهم لوط على فعلتهم الشنيعة وهي إتيان الذكور، قائلا : كيف تقدمون على شي ء شاذّ طبعا وعقلا، وهو وطء الرجال والصبيان، ولا سيما الغرباء. وتتركون ما خلق الله لكم بنحو سليم ومفيد : وهو إتيان النساء بالزواج، للمتعة، وإنجاب الذّريّة، وبقاء النوع الإنساني، بل أنتم قوم متجاوزون الحدّ في الظلم، وفي جميع المعاصي.
فقال له القوم أولو القبائح : لئن لم تنته يا لوط عن ادّعائك النّبوة، وعن الإنكار علينا فيما نمارسه من إتيان الذكور، لنطردنك من هذه البلدة التي نشأت فيها، ونبعدنك كما أبعدنا من قبلك، فأجابهم : إني لمن المبغضين أشدّ البغض لعملكم، فلا أرضاه ولا أحبّه، وإني بري ء منكم ومن عملكم، وإن هددتموني بالطّرد.
ثم دعا لوط عليه السّلام ربّه قائلا : يا ربّ نجني وخلّصني وأهلي الصالحين مما يعملون ومن عقوبة معاصيهم، ومن شؤم عملهم.