تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨٥٠
التي أمطرتهم نارا، فاحترقوا جميعا. وهذه آيات شريفة، تدوّن مشاهد القصة ونهايتها، لتكون عبرة للمعتبر، قال الله تعالى :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٧٦ الى ١٩١]
كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠)
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥)
وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» [الشّعراء : ٢٦/ ١٧٦- ١٩١].
هذه آخر قصة من القصص السّبع المذكورة في سورة الشّعراء، بقصد إيناس النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، عما لقيه من إعراض قومه عن دعوته، وما أصابه من همّ وحزن، ومفادها :
كذّب أصحاب الأيكة، أي الغيضة : وهي الشجر الكثير الملتف، رسولهم شعيبا عليه السّلام حين قال لهم : ألا تتّقون عذاب الله وغضبه، إني لكم رسول، مؤتمن على رسالة الله، فاتّقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، وأطيعوني فيما آمركم وأنهاكم. وما أطلب منكم أجرا أو عوضا على تبليغ رسالة ربّي، وإنما ثوابي على الله ربّ الإنس والجنّ. هذه نصائح عامة.
ثم نصحهم بنصائح خاصة تتّفق مع سوء أحوالهم، وهي أربع نصائح :
(٢) من الناقصين لحقوق الناس.
(٣) لا تنقصوا.
(٤) لا تفسدوا فسادا شديدا.
(٥) أي ذوي الجبلّة وهي الخلقة والطبيعة من أهل القرون.
(٦) أي قطعا وجوانب.
(٧) أصل الظّلة : ما يظلل الإنسان، والمراد هنا سحابة الغضب التي أمطرتهم نارا، والعذاب الذي أهلكهم.