تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٨٧٨
قال سليمان لأتباعه : غيّروا هيئة عرش بلقيس وصفته، لنختبر حالها وننظر في قدراتها وتأمّلاتها، فهل تهتدي إلى الحقّ والصواب ومعرفة عرشها، أو تكون غير مهتدية إليه، وعاجزة عن التأكّد منه؟! فلما قدمت، عرض عليها عرشها (سرير ملكها) وقد زيد فيه ونقص، وقيل لها :
أ هكذا عرشك؟ فقالت : كأنه هو، أي يشبهه ويقاربه. وكان جوابها ينم عن براعة وذكاء وحنكة.
وهنا قال سليمان معددا نعم الله عليه وعلى آبائه : لقد أوتينا العلم بإسلامها، ومجيئها طائعة قبل وصولها، وكنا في كل حال موحّدين خاضعين لله تعالى.
وكانت بلقيس قد منعها عن عبادة الله ما كانت تعبد من غير الله، وهو عبادة الشمس، فإنها كانت من قوم وثنيين، كانوا يعبدون الشمس، وكانوا كافرين بوجود الله. قيل لبلقيس : ادخلي هذا الصرح : القصر المشيد العالي، فلما رأت مدخله الفخم، ظنّت وجود ماء كثير فيه، فكشفت عن ساقيها، فقال سليمان : إنه قصر مصنوع من المرمر ومن الزجاج الصافي، فقالت : يا ربّ، إني ظلمت نفسي في الماضي بعبادة غيرك، وأسلمت مع إسلام سليمان لله ربّ جميع العالمين من إنس وجنّ.
دعوة صالح عليه السّلام
لقد أورد الله تعالى في كتابه أخبار الأنبياء السابقين، وشيئا من أصول دعوتهم إلى الله تعالى، لتذكير قريش والعرب وغيرهم بأن كل من تقدّم من أنبياء العرب كان يدعو إلى إفراد الله بالعبادة وتوحيد الله وتمجيده، ليدركوا خطأ ما هم عليه، وليعلموا أن عبادة الأصنام ضلال وانحراف، وأن شأن الأنبياء جميعهم هو الدعوة


الصفحة التالية
Icon