تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ٩٦٤
لا غيرهم أصحاب النّار هم فيها خالدون، أي دائمون فيها، لا يزحزحون عنها.
والحاصل : أن مصير المؤمنين إلى نعيم في الجنان وخلود فيها، ومصير الكافرين إلى عذاب شديد في النّيران وتخليد فيها، والمرجع في أهل المعاصي إلى مشيئة الله تبارك وتعالى، إن شاء عذّبهم، وإن شاء غفر لهم.
مشهد من مشاهد الحشر
جميع مشاهد القيامة عجيبة مذهلة، رهيبة مخوفة مؤلمة، لأن المصير مجهول، والحساب عسير، والنهاية أبدية، فإما إلى جنّة عرضها السماوات والأرض، وإما إلى نار شديدة اللهب والإحراق. ومن أبرز تلك المشاهد الفصل النهائي بين المشركين وآلهتهم المزعومة، والحوار الحادّ بين الفريقين، وهذا ما أوضحه القرآن المجيد في قوله تعالى :
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]
وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)
«١» «٢» [يونس : ١٠/ ٢٨- ٣٠].
هذا مشهد رهيب من مشاهد الحشر يوم القيامة، حيث يجتمع الناس في صعيد واحد، وتحسم فيه المواقف، وتتبدّد مزاعم المبطلين. يقول الله لنبيّه : اذكر أيها الرسول يوم نجمع أهل الأرض كلهم من الجنّ والإنس، والبرّ والفاجر، والمحسن والمسي ء، ثم نقول لأهل الشّرك : الزموا مكانكم، وذلك مقترن بحال الشّدة والخزي،

(١) أي فرقنا بينهم في الحجة والمذهب.
(٢) تختبر أو تعلم.


الصفحة التالية
Icon