تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ١٩١٤
جبل الطّور، وآتاه اللّه النّبوة والتّوراة، وجعله رسولا إلى فرعون وقومه، بني إسرائيل، وكانت معجزته الدّالة على نبوّته انقلاب العصا حيّة عظيمة، وإضاءة يده كالشمس المشرقة، وكلفه اللّه بتبليغ رسالته إلى فرعون وملئه : القوم الفاسقين، وتلك مهمة شاقّة وعسيرة.
قال اللّه تعالى واصفا هذه المرحلة الجديدة في حياة موسى كليم اللّه :
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢٩ الى ٣٢]
فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٢)
«١»»
«٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩» [القصص : ٢٨/ ٢٩- ٣٢].
لما أتم موسى عليه السلام أكمل المدّتين برعي غنم شعيب عليه السّلام عشر سنين، أراد أن يسير بأهله إلى مصر وقومه، وقد أحسّ لا محالة بالترشيح للنّبوة، وكان رجلا غيورا لا يصحب الرفاق، فسار في ليلة مظلمة باردة، فأخطأ الطريق، واشتدّ عليه وعلى زوجته البرد، فبينا هو كذلك إذ رأى نارا، وكان ذلك نورا، من نور اللّه تعالى قد التبس بشجرة، من العلّيق أو الزعرور أو السمرة، فقال لأهله :
ابقوا في مكانكم أو أقيموا، إني رأيت نارا، لعلي آتيكم منها بخبر عن الطريق، أين
(٢) عود فيه نار.
(٣) تستدفئون.
(٤) تتحرك بشدة.
(٥) حيّة خفيفة في السرعة.
(٦) لم يرجع على عقبه ولم يلتفت.
(٧) أي داء برص ونحوه.
(٨) ضم إلى صدرك.
(٩) ضمّ يدك إلى صدرك يذهب عنك الخوف من الحية.