تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ١٩٢٩
«١» «٢» [القصص : ٢٨/ ٥٦- ٦١].
والمعنى : إنك أيها النّبي لا تستطيع هداية من شئت، ولكن هداية التوفيق بيد اللّه تعالى، واللّه أعلم بمن هو أهل الاهتداء، فما عليك أيها النّبي إلا البلاغ والدعوة إلى اللّه، وبيان الشريعة.
وقد أجمع أكثر المفسّرين على أن هذه الآية إنما نزلت في شأن أبي طالب عم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم،
فإنه دخل عليه النّبي، وطالبه بالإيمان، فأجابه :«يا محمد، لو لا أني أخاف أن يعيّر بها ولدي من بعدي، لأقررت بها عينك، ثم قال أبو طالب : أنا على ملّة عبد المطّلب والأشياخ «٣»، فتفجّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وخرج عنه، فمات أبو طالب على كفره، فنزلت هذه الآية : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ
إشارة إلى أبي طالب.
وقال مشركو قريش في تسويغ عدم إيمانهم برسالة النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم واعتذارهم عنه : إن اتّبعنا ما جئت به من الهدى، وخالفنا ما عليه بقية العرب، خفنا أن يقصدونا بالأذى والمحاربة، فردّ اللّه تعالى عليهم بأمور ثلاثة :
الأول- تأمين الحرم وأهله : إن هذا الاعتذار كذب وباطل، لأن اللّه تعالى جعل قريشا في بلد آمن، وحرم آمن، ويستمر فيه الأمن حال كفرهم وإيمانهم.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس : أن أناسا من قريش قالوا للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : إن نتّبعك تخطّفنا الناس،
(٢) ممن أحضروا للنار. [.....]
(٣) لكن على رأي القائلين بأن أهل الفترة ناجون يكون هؤلاء أصول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ناجين كغيرهم